11/8/2017 إليك يا منبع القراء .. وكفىتُطوَى السنين وأنت لم تُطوى !! تُمحَى الذِّكرَى وَأَنتَ لم تُمحَى !! كيف أصِفُكَ أيها الصَرحُ الشامخ وأنت تأبى الإنقراض جيلا بعد جيل ؟! أنني أراك كشجرة الرولة في أَوجِ ازدهارها ، ومَتَانَةِ جِذعِهَا ، ورساخة جذورها. ينعم مُحبوك على ظلالها ، لتثمر عليهم من صفحات الكتب .. وأراك شلالا يسيل ، ويرتوي منه كل من أراد أن تنعم روح الكتابة به ، وربما يُجن ثقافيا ويعدي من حوله ، ومن شدة الجنون يفخر بإدمانه بين صفحات الكتب ، ولايبالي بإفلاسه المادي قطعا ، مادامت الكلمة عُملَة قابلة للتداول. تفوق في قيمتها على الذهب والفضة ، فكان أول اولوياته استحالة الإفلاس الثقافي .. وأراك أبا يمرح أبناؤك بجانبك ، رغم اختلاف ثقافاتهم ، وعروقهم ودياناتهم. وعلى أمل أن أراك جَدَّا وَقُورَاً ليأتوا أحفادك الجدد وينعموا في حب الكلمة المقروءة على الرغم من أنك لازلت في سن الكَمَال ولم تَصِلْ للشَيبِ بَعد. لكنني أُجزم بذلك !! لانك عاصرت تلك الخيام التي تبدو كعروض السيرك ، لتعتلي عرش النهضة والرقي. وأراك ناديا رياضيا ، حيث لا جهد بلا ألم ، لمن أراد أن يرفع أثقال الأدب ، ويأمل أن يكون حصيلة معرفية تمشي على الأرض ويغدو عقله خزينة معرفية عملاقة ، كمراكز لحفظ البيانات في غرفة شديدة البرودة ، نتيجة غنائمه الهائلة ككنوز قيصر.. وأراك كبيت الحكمة يجتمع تحت سقفك الأدباء ، ولكن يأبى العُمرُ أن يكون شرطا للدخول فأقبل عندك الشباب والشيوخ ، يهيئوا حبر العقول ليفرغوا كل ما بداخلهم ، نحو بحار الصفحات وجُزُرُ الكلمات ولا حاجة لخادم يهيئ الحبر لمرتاديه. وأراك عوالم في عالم واحد ، لا ارشادات سلامة على متنه ولا سترة نجاة ولا ربط لأحزمة للأمان ، نندفع فيه بما أوتي من قوة نحو مشاهد الكتاب وطياته بمقبض الدفتين. يقطع صدى ذلك العالم ، صوت اللاصق المزعج الذي يسبب اكتئابا حادا في حضرة الثقافة والمعرفة ، وهو يُقتَطَعُ للتو من شريطه ، معلنا لحظة استعداد دخول الكتب إلى ظلام الصناديق ، وإسدال الستار على الملتقى الثقافي .. إنني أشفق على من لا يزال يقتني كتب الطرائف والنكت في سابق عهده ، وأشفق تمام الإشفاق على من طلَّق الكُتُبَ ثلاثا على متن سطحك ، واتجه ومعه هم ملأ معدته بحبات الذرة من ذلك الوعاء ومن كل ما لذ وطاب ، بعد أن ضاق ذرعا حسب مبدئه. إلا أن ذلك لا يعتبر عذرا في ملتقى الفكر والمعرفة وأرض الثقافة والكتاب الذي خصص منه ميدانا ومعلما !! بقلم \ محمد الأنصاري Comments are closed.
|
|